منتدى بوسعادة


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى بوسعادة
منتدى بوسعادة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المسلمون في فجر القرن الوليد

اذهب الى الأسفل

المسلمون في فجر القرن الوليد Empty المسلمون في فجر القرن الوليد

مُساهمة من طرف Admin الثلاثاء 2 أبريل 2013 - 23:54



المسلمون في فجر القرن الوليد – 22
أولاً – الحفاظ على الذاتية الإسلامية:
مع مطالع القرن الخامس عشر الهجري يجد المراقبون أن المسلمين يتقاربون اليوم في عدة مفاهيم أساسية يكادون يلتقون عندها ويكونون بها منطقاً" جديداً فيه طابع الأصالة وعلامة التحول من عصر التبعية إلى عصر الرشد الفكري. ولقد كان للتجارب التي مرت بهم خلال القرن الرابع عشر أثرها الواضح في هذا الفهم الجديد الذي يقرب بهم من الحقيقة بعد أن دفعوا ثمنها غالياً من الزمن والأنفس والأموال، وقد كانت بينة في كتاب ربهم ويبن أيديهم من قبل ولكنهم كانوا عنها غافلين، لم يستطيعوا استيعابها إلا بعد أن حزت في نفوسهم وتركت موضعها وعليه أثر كدمات الدم.
أولاً: لقد تبين للمسلمين أن جريهم وراء أسلوب العيش الغربي واندفاعهم وراء بريق الحضارة المنطلقة وراء شهوة الفم والبدن هو غواية الأمم الغربية لهم بهدف تبديد ثرواتهم وتحطيم معنوياتهم والقضاء على القوة النفسية والجسمية التي أعطاها لهم الإسلام بالاستقامة والصلاة ليكونوا قادرين على مواجهة الأحداث، مرابطين في الثغور حتى لا يفاجئهم غزو العدو ومن هنا فقد أخذوا يتحولون إلى بناء مستقبل بلادهم بهذه الثروات لتكون لهم قوة دائمة على الزمن.
ثانياً: اكتشفوا أن مناهج السياسة والاقتصاد والاجتماع والتربية التي قدمها لهم الغرب (بشقيه) خلال القرن الماضي لم تكن إلا تراكمات مجتمع آخر مختلف ونتيجة تحولات في عقائد وثقافات تختلف اختلافاً واضحاً عن المجتمع الإسلامي، وهي ثمرة تكوين نفسي واجتماعي وعقلي تنازعته وثنية اليونان والرومان، وتفسيرات المسيحية، واستعلاء العقل والعلم بعد كشوف الطبيعة، وقد تشكلت في مجتمع لم يكن من دينه "منهج حياة" أو "نظام مجتمع" فإن المسيحية حين عبرت من الشرق إلى الغرب عبرت على هيئة وصايا وعبادات وتراتيل فكان أهلها في حاجة إلى أسلوب عيش امتد سريعاً بين الرأسمالية واللبرالية والماركسية والوجودية والقومية والإقليمية دون أن يجد منها بعد تجربة السنوات الطوال إلا مزيداً من الصراع والاضطراب.
ومن هنا فقد كانت مؤامرة نقلا هذه الإيديولوجيات إلى بلاد الإسلام التي تملك أعظم منهج رباني جامع خالد أضحوكة التاريخ والأجيال، إذ كيف يقترض من يملك هذا المجد الأمثل فتات الأمم ومحاولات العقول البشرية القائمة على الهوى والظن والتي لم تثبت في مجال التجربة بل لقد كشفت أبحاث العلماء عن فساد هذه الإيديولوجيات في بيئاتها التي نبتت فيها ولم تحقق مطامح النفس البشرية وخلقت ما يسمونه أزمة الإنسان المعاصر فكيف تصلح هذه لبيئات أخرى تختلف أشد الاختلاف.
ثالثاً: آمن المسلمون بعد تجربتهم الطويلة مع الغرب إن حضارة الغرب ليست هي الأسلوب الأصلح لامتلاك الإرادة، ولتحقيق افتقاد المسلمين مكانتهم في الأرض، وإنما الأسلوب الأصلح هو التماس منهج القرآن وتطبيق شريعة الإسلام، فهذه هي "العروة الوثقى" التي كلما التمسها المسلمون على طول تاريخهم نجوا بها من أزمة التبعية والنفوذ الأجنبي وسلطان الأقوياء عليهم، وأن الحضارة المادية مهما بلغت من زخرفها لن تبرههم إلى الحد الذي يجعلهم يضحون وجودهم وكيانهم وذاتيتهم في سبيل الحصول على هذا البريق، وخاصة أن الحضارة المادية مهما بلغت من زخرفها لن تبرهم إلى الحد الذي يجعلهم يضحون وجودهم وكيانهم وذاتيتهم في سبيل الحصول على هذا البريق، وخاصة أن الحضارة الغربية اليوم لا تقدم – فيما غير العلم - إلا ذلك الانحراف الخطير في الترف والشهوات ولذائذ الماديات والإسراف في تبديد الكيان الإنساني وهو ما يتعارض مع كرامة المسئولية والالتزام الأخلاقي للإنسان الذي شرفه الحق تبارك وتعالى بالاستخلاف في الأرض وتعميرها وإقامة المجتمع الرباني بها.
هذه الحقائق التي تبدو واضحة الآن في العقل الإسلامي والنفسي الإسلامية تعطي هدفاً أساسياً هو أن القوى الأجنبية التي تتجمع اليوم لتواجه عالم الإسلام وهو يتحفز لامتلاك إرادته إنما تهدف إلى القضاء على هذه الذاتية الخاصة التي شكلها الإسلام في النفس المسلمة فأصبحت الأمة الإسلامية كالشامة في الجمع الغفير.
هذه الغاية قائمة اليوم من وراء كل محاولات الغزو الفكري والتغريب وتحريك قوى الشعوبية والاستشراق والتبشير الغربي وضرب الإسلام من الداخل بالفرق الضالة كالبهائية والقاديانية، أو ظهور جماعات من يدعون "العودة إلى الإسلام" لكسب ثقة المثقفين عن كتاباتهم وضرب الإسلام من الداخل على النحو الذي دعا إليه عتاة التغريبيين من الشيوعيين كمحاولة ماكرة وقد تكشف فعلاً في السنوات الأخيرة أن كثيراً ممن أعلنوا عودتهم إلى حظيرة الإسلام خدعة قد وقفوا في وجه تطبيق الشريعة الإسلامية، أو التمسوا مفاهيم الباطنية وأصحاب مفاهيم الحلول والاتحاد ووحدة الوجود، وذلك بعد أن رتبت لهم محاولات إبرازهم وكسب الثقة فيهم، والواقع أن بيننا وبين هؤلاء: مفهوم الإسلام الجامع الصحيح كمنهج حياة ونظام حياة مجتمع فكل نكوص أو نصول أو محاولة للتشكيك في هذه الوجهة إنما هي إقرار بالتبعية، ذلك لأن مفهوم المسلم الصحيح هو الإيمان بالمنهج الرباني وسلامة تطبيقه لا يعتوره في ذلك ذرة من الشك أو التردد أو التماس الأعذار لبقاء الأنظمة القائمة على القانون الوضعي وأخطر ما في هذا هو أن يتحدث هؤلاء عن الإسلام بمفهوم المسيحية أي يفصل بين الدين والسياسة أو بين الدين والمجتمع.
والحق أن القوى الأجنبية ما زالت قادرة على أن تقدم مموهين لهم بألفاظ براقة وكلمات خداعة، يحاولون الصد عن إحدى عقائد المسلمين اليوم وهي تطبيق الشريعة الإسلامية كمحاولة وحيدة وأخيرة لتحرير المجتمع الإسلامي من أسباب ضعفه واضطرابه. وكمنطق لامتلاك الإرادة الأساسية للأمة الإسلامية على أرضها وتأكيد وجودها ولتستطيع بعد ذلك أداء رسالتها المنوطة بها وهي "تبليغ" الإسلام للعالم المضطرب الممزق المتطلع إلى منهج جديد يخرجه من أزماته وانحلاله.
إن أخطر ما يواجه المسلمين اليوم هو حماية هذه
"الذاتية الإسلامية" بكل شاراتها وعلاماتها ومقدراتها ربانية قرآنية كما رسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بسيرته وسنته وخلقه وتصرفه اليومي في كل الأمور، ذلك أن هذه الذاتية الإسلامية هي هدف القوى الثلاث: الصهيونية والماركسية والغربية، من كل محاولات التخريب والغزو الثقافي، لأنها هي القوة الحامية لهذه الأمة من أن تذوب في العالمية والأممية الدولية وهي في مرحلة الضعف الذي تمر به وحيث أن الأممية ضالة مسرفة في الوثنية والمادية والإباحية.
ولذلك فإن أبرز مطامح القرن الخامس عشر هو تأكيد تمايز هذه الأمة عن الأمم، وهذا التمايز كما يقول الدكتور محمد محمد حسين مقصود لذاته لأن الأصل هو تباين الأمم ودفع بعضها ببعض وهو من سنن الله الكبرى، وإذا كانت النظريات الرياضية والتجريبية واحدة لا تختلف باختلاف الأمم فإن النظريات السلوكية التي تقنن سلوك الفرد وسلوك الجماعة مختلفة متباينة تباين أممهم.
"وأولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض".
"ولو شاء الله لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم".
ويتميز المسلمون بالمقدار الذي يعتمدون فيه على قيمهم وعقيدتهم، هذا الالتقاء على نظام يجعلهم كالجسم الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ومن طريق المخالفة لغيرهم الذي يصونهم عن الذوبان والفناء في غيرهم وهذا واضح في قوله تعالى:
"وإن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله".
فالآية تدعو المسلمين إلى الاجتماع على طريق الإسلام من ناحية وتنهاهم من ناحية أخرى عن إتباع طرق غير المسلمين لأنها تؤدي إلى تفرق جماعتهم. إن الخطر هو تطويع الإسلام لأشكال الحضارة الغربية ومفاهيمها وتطوير المجتمع ليكون في نهاية المطاف صورة من صور المجتمعات الغربية.
هذا التمايز، وهذه الذاتية الإسلامية، الواضحة العميقة، لا تقتصر على مجال واحد ولا ميدان واحد، ولكنها تشمل كل الميادين والمجالات، من الاقتصاد إلى السياسة إلى الأدب إلى اللغة إلى التاريخ إلى أدق الدقائق في القضايا الاجتماعية والفكرية والثقافية.
وهذا التمايز هو الحصانة الوحيدة دون الذوبان والانصهار في بوتقة هذه الحضارة المضطربة التي تمر بأقسى مراحل أزماتها ونهايتها.
الدعوة الإسلامية تشق طريقها إلى آفاق الأرض مع عديد من التحديات والانتصارات:
ما زال الإسلام يفتح آفاقاً جديدة أمام الدعوة إلى الله عن طريق الحكمة والموعظة الحسنة في مختلف أجزاء الكوكب الأرضي على نحو هو الآن موضوع دهشة المراقبين وعجبهم نظراً لقلة الموارد المالية التي تنفق في هذا السبيل وبالرغم من كل أعمال المقاومة والحشد المبذول للحيلولة بين الناس وبين الإسلام.
وفي العالم الغربي (أوروبا والأمريكتين) بالرغم من ضخامة النفوذ الذي تفرضه الكنيستان الكاثوليكية والبروتستانتية والإنفاق الضخم والمحاولات الجديدة في كسب الشباب بفتح أبواب الإغراء بحلبات الرقص وتقبل قوانين الإجهاض وإقرار الشذوذ الجنسي والعياذ بالله ورفع الحظر عن معتنقي الماسونية فإن ذلك كله يوحي بالكساد الشديد والانصراف الشديد حتى في مجال تربية أجيال جديدة من قادة الفكر الديني فإن النسبة المطروحة توحي بالانصراف الشديد عن هذا المجال، هذا بينما يكسب الإسلام مزيداً من معتنقيه تحت تأثير قراءة النصوص الإسلامية أو الالتقاء بالدعاة المسلمين على ندرتهم في المراكز الإسلامية في بعض العواصم، بالإضافة إلى تلك الروح البارزة لإنصاف الإسلام ورسوله التي تكشف عنها الكتابات التلقائية التي لا يدرج أصحابها تحت قوائم الاستشراق والتبشير.
وفي مناطق مختلفة من الأمريكتين واستراليا بالإضافة إلى أوروبا نفسها نجد تجمعات جديدة تمثل أقليات صغيرة مسلمة تحاول أن تقيم مجتمعاً إسلامياً خالصاً وسط هذا الركام الضخم من فساد الحضارة الغربية واضطراب المجتمعات الأوروبية.
وتجرى المحاولات لاستخلاص تصريحات من قادة المسلمين ترمي إلى القول بأنه لا فوارق حقيقية بين الإسلام والمسيحية أو الأديان الأخرى بهدف تثبيط همم الذين يزعمون الدخول في الإسلام بوصفه يمثل عقيدة التوحيد الصحيحة اليوم المحررة من الوثنية والتثنية والتعدد.
وفي الولايات المتحدة جاليات من الملونين الذين هم من الأفارقة في الأصل يمثلون تجمعاً إسلامياً، ولكن هناك أعداد كثيرة من الأمريكيين أنفسهم أخذت تدخل في الإسلام حتى يقول مديرٍ إحدى المؤسسات الإسلامية في واشنطون: "إنه لا تطلع الشمس يوماً إلا على مسلم جديد" وإن هذا يحدث في كثير من بقاع القارة الأمريكية وتتزايد هذه الظاهرة حتى تمثل علامة جديدة يصفها الدكتور محمد عبد الرؤوف بقوله:
إنني أرى أن هناك قوة خفية تعمل على نشر الإسلام في هذه البلاد وهي قوة الله تبارك وتعالى وليس عملنا إلا من وراء إرادة الله وتقديره، حيث لا ينتشر الإسلام بين الأمريكيين السود فحسب بل بين العنصر المسيحي (أنجلو ساكسون) وقد وجد طريقه إلى ذوي النفوذ في البلاد.
وعندما تقرأ ما يكتبه أمثال الدكتور موريس بوكاي من مقارنات بين العهد القديم وبين القرآن من حيث (المصدر) حيث يكتشف "ربانية" القرآن و "بشرية العهد القديم" فإلي أي مدى تحدث هذه الآثار دوياً، فإذا أضيف إلى هذا ما تقدمه منظمات عدة في دراسات الكتب المقدسة، بالإضافة إلى ما كشفته مخطوطات كهف قمران وما تزال تكشفه الحفريات الأثرية مما يؤكد صدق نصوص القرآن الكريم وتزييف كثير من تلك المسميات الكاذبة التي تقوم عليها دراسات التاريخ القديم من حيث تجاهل (الحنيفية الإيراهيمية) ودورها في بناء ذلك التكوين الروحي الذي عرفته هذه المنطقة ممتداً من إبراهيم عليه السلام في أبنائه وفي إسماعيل إلى محمد صلى الله عليه وسلم.
"ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً".
وما يتصل بهذه الرسالة من حقائق تتمثل في جماع الإيجابيات التي نراها في الجاهلية وفي فساد التفسيرات التي صرفتها اليهودية والمسيحية مما كشف القرآن زيفها مما غيره أهل الكتاب من وجهة الدين ومن إنكار الارتباط بالنبوة الخاتمة وما تزال هذه الحقائق تنكشف وما تزال قوى التزييف تحول بين الناس وبينها "يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره".
وفي الوقت الذي تتعدد فيه الجاليات الإسلامية في كل مكان في العالم وفي أوروبا وفي آسيا لم يترك النفوذ الأجنبي هذا النشاط يزدهر وعلى هذا الأساس دعم الإنجليز الحركة الأحمدية (القاديانية) في الهند وغذوها بالأموال لإيجاد بلبلة في صفوف الأمة الإسلامية، وبنى في إنجلترا مسجد للأحمدية (أو القاديانية) ليكون مركز انطلاق لهم في إنجلترا أو أوروبا. كما ساعدت إنجلترا على طبع كتب الأحمدية المضللة وخصوصاً باللغة الإنجليزية، وقد توسعت الأحمدية في قلب أفريقيا ولكنها ما تزال مرفوضة لما تخالف من مفهوم السنة الجامعة، وقد فضح أهدافها وعمالتها للاستعمار العلامة المودودي والسيد الندوي ورابطة العالم الإسلامي وغيرها من الهيئات الإسلامية وقد توسعت في عديد من البلدان الأوروبية، وتزاحم الغربيون في كل مكان أمام الأعياد الإسلامية ليحضروا ويشاهدوا شعائر الصلاة الإسلامية من قيام وركوع وسجود وتقاطروا على سماع خطبة العيد مما لفت أنظارهم فسعوا إلى الاتصال بالمراكز الإسلامية والحصول على المؤلفات الشارحة للعقيدة الإسلامية، ولاشك أنها ملأت نفوس هذه الجماعات وخاصة شباب المدارس والجامعات شدتهم إلى الإسلام لبساطة عقيدته وسلامة مبادئه وسماحته واقترابه من الفطرة وعطائه وتكامله مع أشواق النفس الإنسانية، وحيث يدعو إلى الرحمة والعدل والإخاء والتوحيد، فقد شد إليه الزنوج الأمريكيين الذين عانوا من العسف والظلم والاسترقاق على أيدي الأمريكيين البيض.
ويعاني المسلمون معاناة شديدة في مناطق كثيرة من العالم.
وأقسى ما يواجهون ما يلقونه في المناطق الواقعة تحت سيطرة الاتحاد السوفيتي والدول الشيوعية، وهناك ما يلقاه المسلمون في مناطق كثيرة من أفريقيا إزاء الحملات التبشيرية النصرانية حيث تتركز البعثات التبشيرية في نيجيريا والكاميرون وجنوب السنغال وكينيا وحيث تندفع القبائل الوثنية إلى الإسلام وتدخل القبائل الزنجية في دين الله أفواجاً وحيث تقف الدعوة الإسلامية بقوتها الذاتية في مواجهة الإمكانيات الضخمة المتاحة لرجال الإرساليات وحيث الكنائس والأديرة والمعابد مقامة في أنحاء كثيرة من البلاد في المدن والقرى.
وقد شهد الذين قاموا بنشر الدعوة الإسلامية بين الوثنيين بما يلقونه من ترحيب كبير وخاصة في المديريات الجنوبية الثلاث: أعالي النيل والاستوائية وبحر الغزال حيث الاتصال بالمواطنين البدائيين والضاربين في منابت الأحراش والغابات ومواطن الحشائش والمستنقعات، يقول أحدهم: "اقتنعنا بأن العمل في هذا الميدان سهل ميسور وأن ما يبذله المبشرون المسيحيون من جهود، لو بذل المسلمون عشر معشاره لأثمرت جهودهم أضعاف ما تثمر جهود المبشرين" بل إن الإسلام قد اقتحم مناطق جنوب أفريقيا: (جوهانسبرج، ديريين، ايست لندن، كيب تاون) حيث قامت مجتمعات صغيرة من المسلمين ولكنها متماسكة، فهم يجمعون الزكاة ويوزعونها على مستحقيها وينشئون المدارس الإسلامية والمساجد ويطبعون الصحف والمجلات الإسلامية والمساجد هي مركز نشاط المسلمين الاجتماعي، وكلما استولت الحكومة على منطقتهم، رحلوا إلى أرض أخرى وأقاموا مساجدهم ومساكنهم. ويتساءل بعض الذين زاروا تلك المناطق: "لماذا تتجه جميع بيوت المسلمين في جنوب أفريقيا نحو القبلة" رغم الصراع الحقيقي الذي يخوضونه مع جهاز البلدية عند تخطيط البناء. فالمسلم هنا لا ينام إلا في اتجاه القبلة ويقيم في داره ثلاث حنفيات للوضوء، وغرفة للمصاحف، ومكان للصلاة، والنساء المسلمات يخرجن محجبات ويعمل الجميع في تكامل رائع، والأطفال يحفظون القرآن ويحسنون تلاوته وتجويده، ويقبل الوثنيون في جنوب أفريقيا على اعتناق الإسلام اقتناعاً بأنه الدين الذي أوجب المساواة وذوب الفوارق بين الناس ولم يعترف بأي امتياز أو فضل أو تفوق مصدره اللون أو العرق أو المال.
وما تزال مناطق إسلامية كثيرة تقاوم، أمثال: إرتيريا في مواجهة الحبشة المسيحية الماركسية، ومسلمي الفيليبين (شعب بانجامور) المسلم 8 ملايين نسمة في الجزر الجنوبية الخمسة الكبرى وهناك اضطهاد المسلمين المتجدد في الهند وهناك مشاكل مسلمي بورما الذين شردتهم حكومة بورما ومسلمي كمبوديا وفيتنام ولاوس وهي مثل لما يقاسيه المسلمون الذين يعيشون في الدول الشيوعية وهناك مشكلة خمسة ملايين مسلم في تايلاند.
وما يزال مسلوم قبرص يقاومون في سبيل تثبيت وجودهم في الجزيرة وحقهم في البقاء حيث لم تكن قبرص في يوم من الأيام أرضاً يونانية وحيث عمد الاستعمار البريطاني إلى تفريغ الجزيرة من المسلمين وجعلهم أقلية فيها، وقد تعرض المسلمون لصنوف بشعة من التعذيب والحرمان.
ومن الآفاق الجديدة التي فتحها الإسلام في سنوات ما قبل بزوغ فجر القرن الخامس عشر الهجري: غزوته السلمية لليابان حيث ديانته الشنتو (عبادة الطبيعة) والبوذية القادمة من كوريا والصين في القرن السادس الميلادي حيث أصبح نصف الشعب الياباني يعتنقها، والمعروف أنه بعد اندحار اليابان في الحرب العالمية الثانية ودخول قوات الاحتلال أعلن الإمبراطور للملأ أنه لم يعد إلهاً وإنما هو بشر، وقد انتهزت الهيئات التبشيرية العالمية الفرصة وركزت جهودها على اليابان متطلعة إلى أن تكون "المسيحية" هي عقيدة الشعب الياباني، وفي ظل هذا الفراغ العقائدي وجد اليابانيون في الإسلام استجابة لمطامح نفوسهم وتطلعاتها بين ثلاث حركات تتصارع هي التبشير المسيحي (حيث توجد خمس جامعات تبشيرية ومدارس ثانوية وابتدائية تضم 300 ألف) ودعوة ماركسية شيوعية واشتراكية، وحركة بوذية. وقد دخل الإسلام إلى اليابان من عدة جهات من قازان عاصمة جمهورية التتار الإسلامية، ومن الصين، مقاطعة منشوريا، ومن إندونيسيا والملايو حيث اتصل أفراد جيش الاحتلال الياباني لإندونيسيا بالشعوب المسلمة هناك.
وما تزال الدعوة الإسلامية في اليابان تشق طريقها مع آمال عريضة. وهكذا نجد أن الدعوة الإسلامية في نهاية القرن الرابع عشر ومطالع القرن الخامس عشر تواجه عديداً من التحديات.
وسيبلغ الإسلام ما بلغ الليل والنهار مع امتداد الزمان وجهاد العاملين. والحمد لله رب العالمين.
المسلمون في فجر القرن الوليد (رد الشبهات ومواجهة التحديات):
إن العالم الإسلامي اليوم يعي في وضوح تلك المحاولة الماكرة اللئيمة التي تقوم بها قوى النفوذ الأجنبي لتحول بيته وبين انبعاث النهج الإسلامي للحياة والحضارة الذي تتطلع البشرية كلها إليه وتجد فيه أملها.
إن موجات التحامل والتشكيك في جوهر الإسلام وقدرته على العطاء، وسلامة منطلقه، وأصالة هدفه، تنطلق اليوم في عنف من الصهيونية لتثير في النفس الغربية الخوف من ضياء الإسلام البازغ من خلال السحب والغيوم. وتحاول هذه الكتابات المغرضة أن صف الإسلام على أنه دين رجعي متأخر جاد معاد للحضارة والتقدم والتطور. أو تصوير يقظة المسلمين على أنها حركة معادية للغرب الصناعي المتحضر، أو التحذير من نزعة الجهاد الإسلامية، ومن هنا تبزغ دعوة خصوم الإسلام إلى إشعال الفتن المذهبية، أو العمل على خلق صراعات طائفية في الشرق بين البلاد الإسلامية حتى تحول بين المسلمين وبين التضامن الإسلامي والوحدة الجامعة، وهم في ذلك يخدعون العرب الذي يعرف أن اليقظة الإسلامية بناءة وسمحة وكريمة، وأنها تقوم على العطاء والإيجابية والسماحة والبعد عن التعصب. ويخطئ مكسيم رودنسون حين يقول أن الإسلام لم يكف يوماً عن كونه رافضاً كل تطور لمجاراة الحياة العصرية بسبب تمسكه المتزمت بحرفية الدين.
فالواقع أن الإسلام متفتح في مواجهة الحضارات والأمم وهو لا يعارض النظم المختلفة ولكنه يؤمن بالحفاظ على ذاتيته ومنهجه العقائدي والفكري الذي ينطلق منه إلى التعامل السمح الكريم مع الأمم والشعوب، إما أن يفرض على المسلمين أسلوب عيش غير أسلوبهم في محاولة لمسخ شخصيتهم وإذابة كيانهم الخاص في أتون الأممية العالمية أو أن يكون الإسلام مبرراً للحضارة الغربية المضطربة في مرحلة أفولها وانهيارها فإن ذلك لن يكون.
ويكفي الإسلام أنه بحافظ على كيانه ويقيم حضارته ومجتمعه ليكون نبراساً للبشرية ليهتدي به إلى طريق الله. ولكنه لن يكون عدوانياً أو مدمراً لحضارات الأمم أو وجودها.
وحين نتلفت اليوم ونحن على أبواب القرن الخامس عشر الهجري نجد المسلمين وهم يبنون كيانهم الحضاري الاجتماعي وسط المحاولات التي تحاول أن تحول بينهم وبين اكتمال إرادتهم، وفي أفغانستان يقاوم المسلمون نفوذاً غريباً يحاول السيطرة عليهم، وفي باكستان نجد العمل الجاد في سبيل إقامة المجتمع الإسلامي الأصيل، وفي تركيا نجد الاتجاه الصحيح نحو تحرير المسلمين من نفوذ الإيديولوجيات والأنظمة ماضياً في طريقه.
يكشف هذا نجم الدين أربكان حين يقول: إن الصهيونية والماسونية حاولا عزل تركيا عن العالم الإسلامي، ومؤامرتهم مستمرة. ذلك أن المعركة بين الإسلام في تركيا والصهيونية قد اتخذت أشكالاً عدة وهي حرب طويلة المدى وهي مستمرة منذ خمسة قرون منذ فتح السلطان محمد الفاتح القسطنطينية وعمل على فتح روميه ولكن هذا الصراع في المائة سنة الأخيرة أخذ شكل مخطط أعد له سلفاً فاستطاعت بعض القوى عام 1839م أن تؤثر في جسم الدولة الفكري وتدخل القوانين الوضعية البعيدة عن الإسلام بواسطة المنظمات اليهودية الماسونية، وقسم العمل اليهودي في تركيا إلى ثلاث مراحل مدتها ثلاثون سنة وهي عبارة عن تنفيذ فكرة تيودور هرتزل بإسقاط الدولة الإسلامية في تركيا، أما المرحلة الثانية فقد استمرت عشرين سنة وهي تقسيم الدولة العثمانية إلى دويلات صغيرة، أما المرحلة الثالثة فقد استمرت خمسين سنة وكانت لإبعاد تركيا عن الإسلام.
ثم نشأ حزب الاتحاد والترقي وكانت له علاقته باليهود والماسونية، ومن ثم استطاع إسقاط السلطان عبد الحميد وبدأ في إبعاد تركيا عن الخط الإسلامي وتغريبها بطرق عديدة أهمها العلمانية التي كانت تعني في تركيا بالتحديد اضطهاد المسلمين.
ثم بدأت تركيا الإسلامية تكشف عن وجودها، وبدأت تتحرر من أساليب التغريب، وهي اليوم على مفرق طريق اليقظة الذي يعم العالم الإسلامي كله تطلعاً إلى تحقيق أهدف كبرى، منها إنشاء الأمم المتحدة الإسلامية وإقامة السوق الإسلامية المشتركة وإيجاد الدينار الإسلامي الموحد والمعاهد الثقافية الموحدة والوحدة الإسلامية للدفاع عن العالم الإسلامي، وهناك في العالم الإسلامي كله إيمان أكيد بأنه لا تقوم للإسلام دولة إلا بتكوين الفرد المسلم الذي تربى على أساس من القرآن والسنة وهدى من السيرة. ولابد من انبثاق نظم البلاد الإسلامية وقوانينها ومعارفها واقتصادها وسياستها الخارجية من النظام الإسلامي. وحيثما ننظر من حولنا نجد أضواء الأصالة تزحف مع مطالع فجر القرن الخامس عشر. ففي اليابان يقول الدكتور شوقي فتاكي: أن هناك 30 ألف مسلم ياباني يشكلون مجتمعهم الجديد ويدعون إلى الوحدة الإسلامية والجهاد من أجل تحرير المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي. بالإضافة إلى جميع المقدسات الإسلامية وقد وحدنا القوى الإسلامية اليابانية في دعوة للتضامن مع المسلمين ونحن ندعو اليوم إلى تجديد وصقل الوحدة والتضامن للقوى الإسلامية في العالم أجمع من أجل تحقيق تعاليم الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا العالم الحديث.
ومن أفريقيا نجد المجلس الإسلامي لجنوب أفريقيا يكشف عن الأخطار التي تواجه المسلمين وخاصة في شأن تربية الأطفال تربية إسلامية، وما يتطلع إليه الشباب المسلم ليكون قادراً على مواجهة التيارات المعادية للإسلام وخاصة هجمات الماركسيين والمستشرقين ودعاة المذاهب الشرقية. ويتطلعون إلى إقرار برنامج شامل للتربية الإسلامية، مقوم على أساس تثبيت قواعد العقيدة الإسلامية.
ويعلق المجلس الإسلامي أهمية كبرى على نشر الإسلام في جنوب أفريقيا وهذا دور المنظمات الإسلامية، ويرى أن جنوب أفريقيا مهيأ لانتشار الإسلام لأن هناك من المسلمين المقيمين بجنوب أفريقيا منذ ثلاثمائة سنة، وأن أول مسجد في مدينة الكاب يعود إلى عام 1790 كما يوجد بجنوب أفريقيا 150 مسجدًا.
وهكذا أينما يولي المسلم وجهه يجد اليقظة الإسلامية وهي تتدافع في قوة لتحقق هدفاً واضحاً في هذا القرن الخامس عشر هو الخروج نم التبعية الغربية سواء جاءت من الاستعمار أو الصهيونية أو الشيوعية، ووصولاً إلى الرشد الفكري وتحقيق غاية أساسية هي بناء الشخصية الإسلامية والحفاظ عليها والتضحية بكل عزيز وغال في سبيل هذا التميز الذي عرف به المسلمون بين الناس والملل.
وعندما نراجع خريطة المتغيرات نجد أن الدعوة الإسلامية تمضي في كل طريق وتقتحم كل مجال وتستعمل كل أسلوب على هذا النحو:
أولاً: نجد انتشار الإسلام بالدعوة الإسلامية في مختلف بقاع العالم حيث يتحقق ما وعد به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدخول إلى كل دار في زاوية من زوايا الأرض.
ثانياً: انتشار دعوة التصحيح وتحرير المفاهيم والعودة إلى منهج الله في كثير من بلاد المسلمين حيث تتنامى قوة المطالبة بالعودة إلى الشريعة الإسلامية واكتشاف هذه الأقوام مدى النتائج الخطيرة التي تحققت نتيجة التبعية للمنهج الوافد سواء في مجال الفكر أو الاجتماع أو الحكم.
ثالثًا: بروز الذاتية الإسلامية في بلاد قاست طويلاً من مظالم العلمانية وسيطرة الدكتاتورية الفردية الحاكمة ونماء أجيال جديدة تكشف لها زيف هذه التيارات التي جرت فيها الأمم طويلاً.
رابعًا: بروز فريضة الجهاد كعامل حاسم في حل المشاكل ووضوح هذا العمل وقيامه بدور ضخم في تحرير كثير من الأوطان الإسلامية.
خامسًا: نماء القوة العسكرية الإسلامية في مختلف أجزاء العالم بحيث تصبح قوة واحدة عندما تلتقي القلوب على وحدة إسلامية صحيحة.






رد مع اقتباس

Admin
Admin

المساهمات : 141
تاريخ التسجيل : 02/04/2013
العمر : 33

http://bousaada.mountada.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى